شهد قطاع التمويل العقاري في السعودية تحولا مهما يعكس مرحلة جديدة من تطوير أسواق المال، مع بدء تطبيق برنامج التوريق العقاري بقيادة الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري بعد موافقة البنك المركزي. هذا البرنامج يمثل نقلة في طريقة تمويل الإسكان، إذ تنتقل السوق من نموذج تقليدي يحتفظ فيه البنك بالقرض حتى نهاية السداد، إلى نموذج حديث يعيد تدوير الأصول عبر تحويل القروض إلى أوراق مالية قابلة للاستثمار، بما يخلق قناة تمويل أكثر استدامة وكفاءة. تقديرات ستاندرد آند بورز جلوبال تشير إلى أن البنوك السعودية تحتفظ حاليا بمحافظ رهون عقارية تقارب 180 مليار دولار، تعادل نحو 23% من إجمالي القروض في القطاع المصرفي. وتؤكد الوكالة أن السوق المحلية تمتلك فرصة كبيرة لنمو هذا النوع من التمويل، إذ من المتوقع أن تحول البنوك نحو 48 مليار دولار من التمويلات العقارية القديمة إلى الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، في خطوة ستسهم في تحرير السيولة وإعادة ضخها في الاقتصاد، ودعم هدف رفع تملك المساكن. فكرة التوريق تقوم على تجميع التمويلات العقارية القائمة وتحويلها إلى صكوك أو أوراق مالية مدعومة بتدفقات نقدية مستقبلية مصدرها أقساط المقترضين. وبدلا من أن تبقى هذه القروض مجمدة في ميزانيات المصارف، تنقل إلى كيان خاص يصدر مقابلها أوراقا مالية للمستثمرين، ما يسمح بإعادة تدوير رأس المال وتمويل قروض جديدة. هذا النموذج يخلق دورة تمويل مستدامة، ويضيف عمقا لسوق الدين المحلية، ويسهم في بناء منحنى عائد خاص بالرهون العقارية السعودية، على غرار ما هو معمول به في أكبر الأسواق العالمية. من يلوح بشبح 2008 يتجاهل فروقا جوهرية. التجربة السعودية تنطلق من جودة ائتمانية أعلى، وضوابط ائتمانية أكثر تحفظا، وإشراف مباشر من البنك المركزي، وصياغة متوافقة مع الشريعة تلائم المستثمر المؤسسي المحلي. وعلى الصعيد الدولي، أعيد تعريف التوريق بعد الأزمة؛ فأوروبا عادت إليه ضمن إطار تنظيمي جديد أعيد بناؤه يعرف بـ “التوريق الواضح والمبسط والموحد”، يقوم على شفافية أوسع ومعايير موحدة ونماذج مخاطرة قابلة للاختبار. المقصود ليس تغيير الأسماء، بل ترسيخ الانضباط والجودة حتى يكون التوريق أداة تمويل آمنة ومفهومة. وعلى المستوى الدولي الأشمل، تعد سوق الرهون والتوريق العقارية إحدى أضخم الأسواق المالية في العالم، إذ بلغ حجمها نحو 12.5 تريليون دولار في 2022، ومن المتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 27.1 تريليون دولار بحلول عام 2032 بمعدل نمو سنوي يقترب من 9%. وتعتمد هذه السوق على نموذجين رئيسيين؛ الأول هو التمويل المباشر الذي تقدمه البنوك وشركات التمويل وتبقى قروضه ضمن ميزانياتها، والثاني هو التمويل عبر التوريق بتحويل القروض إلى أوراق مالية قابلة للاستثمار. وفي الولايات المتحدة، تجاوزت الإصدارات السنوية للأوراق المدعومة بالرهون العقارية 1.6 تريليون دولار في 2024. وفي المقابل تعد ماليزيا من أوائل الدول التي أطلقت التوريق الإسلامي المنظم، إذ نفذت شركة كاجاماس في 2005 أول إصدار لصكوك الرهن العقاري الإسلامي بقيمة 2.05 مليار رينجيت ماليزي، أي ما يعادل نحو 540 مليون دولار أمريكي، ما وفر نموذجا مبكرا لتمويل إسلامي طويل الأجل مدعوم برهون سكنية. النموذج السعودي يتمايز بأنه أكثر تحفظا وانضباطا من التجارب التي سبقت الأزمة المالية العالمية، إذ يعتمد على أصول ذات جودة ائتمانية عالية، وتحت إشراف تنظيمي مباشر من البنك المركزي، مع توافق كامل مع أحكام الشريعة. هذه المعايير تجعل التوريق المحلي أكثر جاذبية للمستثمرين وصناديق التقاعد وشركات التأمين الباحثة عن أدوات مالية مستقرة وطويلة الأجل. ومع تطور هذه السوق، من المتوقع أن ينعكس أثرها على مختلف الأطراف؛ فالمواطن سيستفيد من استقرار وتنافسية أكبر في التمويل السكني، والبنوك ستحصل على مرونة أعلى في إدارة السيولة، فيما تكتسب السوق المالية السعودية عمقا جديدا عبر تنويع أدوات الدين وتعزيز مكانتها الإقليمية. بهذا التوجه، لا يعد التوريق مجرد أداة مالية جديدة، بل مسارا إستراتيجيا لإعادة تشكيل منظومة التمويل السكني في السعودية، وتعزيز كفاءة الأسواق المالية، وإيجاد بيئة تمويل أكثر تنوعا واستدامة قادرة على دعم النمو العقاري والاقتصادي على المدى الطويل. كاتب ومحلل في شؤون المال والأعمال الاقتصادية
النفط يتراجع في اكتوبر
سجل النفط ارتفاعًا طفيفًا في ختام جلسة الجمعة، إلا أن الأسعار سجلت انخفاضا في أكتوبر في تراجع للشهر الثالث على التوالي بسبب مخاوف زيادة المعروض النفطي في الأسواق. ارتفعت الأسعار في جلسة الجمعة في بادئ الأمر بعد تقارير أفادت بأن ضربات جوية أميركية على فنزويلا قد تبدأ خلال ساعات، ثم تراجعت بعدما نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ذلك. وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 65.07 دولار للبرميل عند التسوية، بارتفاع سبعة سنتات أو 0.11%. وأنهى خام غرب تكساس الوسيط الأميركي التداول عند 60.98 دولار للبرميل، مرتفعًا 41 سنتًا بما يعادل 0.68%. في المقابل، سجلت أسعار برنت انخفاضا بنسبة 2.9% خلال أكتوبر، فيما هبط الخام الأميركي بنسبة 2.23% خلال الشهر ليواصلا الانخفاض للشهر الثالث على التوالي. وقال فيل فلين، كبير المحللين في برايس فيوتشرز: “هل هذه خدعة دونالد ترامب أم حلوى؟”، مشيرًا إلى أن ترامب نفى في وقت سابق من العام تقارير عن هجوم على إيران قبل تنفيذه ضربات جوية أميركية ضد طهران، وفق ما نقلته “رويترز”. وأضاف فلين: “كان هناك بالتأكيد تأثير على السوق عندما ظهر أول تقرير عن هجوم مخطط له على فنزويلا. إذا وقع هجوم خلال مطلع الأسبوع، سترتفع الأسعار يوم الاثنين”. ونشرت الولايات المتحدة فرقة عمل حول حاملة الطائرات الأكبر في البلاد، جيرالد فورد، قبالة سواحل فنزويلا بعيدًا عن نطاق مهاجمة مهربي المخدرات الذي كان محور نشاط البحرية الأميركية في منطقة البحر الكاريبي في الأسابيع القليلة الماضية. وقال جون كيلدوف، الشريك في شركة أجين كابيتال: “من الواضح أن هناك شيئًا ما يجري على قدم وساق هناك. بالنسبة لتجار النفط، هذه حالة كلاسيكية تقول اشترِ الآن واسأل لاحقًا”. وصعد الدولار ليقترب من أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر مقابل مجموعة من العملات الرئيسية، الأمر الذي يجعل شراء السلع المقومة بالدولار مثل النفط أكثر تكلفة. وتراجع النفط بعد أن أظهر مسح رسمي انكماش نشاط المصانع في الصين للشهر السابع في أكتوبر/ تشرين الأول. وتوقع استطلاع أجرته “رويترز” أن يسجل متوسط سعر خام برنت 67.99 دولار للبرميل في 2025، أي أعلى بنحو 38 سنتًا من تقديرات الشهر الماضي. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط خام غرب تكساس الوسيط 64.83 دولار، ليكون أعلى بقليل من تقديرات سبتمبر/ أيلول البالغة 64.39 دولار. وقالت مصادر مطلعة قبل اجتماع أوبك+ يوم الأحد إن التحالف يميل إلى إقرار زيادة متواضعة في الإنتاج في ديسمبر/ كانون الأول. وقال كيلدوف إن معظم أعضاء أوبك+ باستثناء السعودية غير قادرين على إضافة الكثير إلى إنتاجهم. وفي أغسطس/ آب، وصلت صادرات السعودية من الخام إلى أعلى مستوى لها في ستة أشهر عند 6.407 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي). وأظهر تقرير لإدارة معلومات الطاقة الأميركية أيضًا إنتاجًا قياسيًا من الخام في الولايات المتحدة بلغ 13.6 مليون برميل يوميًا الأسبوع الماضي. وقال ترامب إن الصين وافقت على البدء في عملية شراء الطاقة الأميركية وإن صفقة كبيرة قد تتم على أن تشمل كميات من ألاسكا. العربية
أرامكو تتجه لخفض سعر العربي الخفيف لآسيا
تتجه شركة “أرامكو” السعودية إلى خفض سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف إلى آسيا خلال ديسمبر بنحو 1.25 دولار للبرميل، بحسب متوسط تقديرات في مسح أجرته بلومبرغ شمل ثمانية من التجار والمصافي. ورجحت التقديرات أن يتراوح الخفض بين 80 سنتاً و1.50 دولار، مقارنة بسعر نوفمبر الذي أبقته أرامكو دون تغيير عند علاوة 2.20 دولار للبرميل فوق سعر خامي عمان ودبي، رغم توقعات سابقة بزيادة قدرها 30 سنتاً. ويأتي هذا التحول المحتمل في ظل ضغوط على هوامش التكرير في آسيا، إلى جانب مؤشرات على وفرة في الإمدادات، ما يدفع لتوقع أول خفض في الأسعار منذ أشهر. اتفقت السعودية وشركاؤها في منظمة أوبك هذا الشهر على زيادة الإنتاج بمقدار 137 ألف برميل يومياً في نوفمبر. ومن المرتقب أن يصادق التحالف على زيادة مماثلة خلال اجتماعه المقرر يوم الأحد المقبل، في إطار مساعٍ لاستعادة الحصة السوقية، حتى وإن كان ذلك على حساب الأسعار. في المقابل، تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن أسواق الخام قد تواجه فوائض قياسية محتملة في الإمدادات خلال عام 2026، ما يعمّق الضغوط النزولية على الأسعار. يرى “يو بي إس غروب” (UBS Group AG) أن سعر النفط قد ينخفض إلى 62 دولاراً للبرميل بنهاية العام، بينما يتوقع “غولدمان ساكس غروب” (Goldman Sachs Group) أن يتراجع دون 50 دولاراً خلال العام المقبل. تصنيفات الشرق
السعودية تستعد لبناء السفن
تستعد المملكة العربية السعودية لتصنيع سفنٍ لأول مرة، مع توقيع شركة “البحري” عقداً لشراء 6 ناقلات من طراز “ألترا ماكس” من “العالمية للصناعات البحرية” والتي ستبنيها في حوض رأس الخير، في خطوةٍ تدعم خطط توطين سلاسل الإمداد خاصةً في مجال الأمن الغذائي، حسبما ذكر رئيس شركة “البحري” محمد بن بتال لـ”الشرق”. أوضح بن بتّال أن اختيار طراز “ألترا ماكس” جاء لما يتمتع به من مرونة تشغيلية بفضل أنظمة التحميل والتفريغ الذاتية، ما يسمح للسفن بدخول موانئ ذات بنية تحتية محدودة وتقليص زمن الانتظار، وهو ما يرفع الكفاءة التشغيلية ويعزز الربحية. العقد بين “البحري” و”العالمية” لبناء وتسليم 6 ناقلات بضائع سائبة بقيمة 762 مليون ريال، وسيظهر الأثر المالي على القوائم المالية للشركة بعد استلام الناقلات وبدء تشغيلها تجارياً. تأسست “العالمية للصناعات البحرية” في 2017 بغرض توطين صناعة السفن في المملكة، وتُعدّ “أرامكو السعودية” أكبر المساهمين فيها، كما تمتلك “البحري” نحو 19.9% من أسهمها، بالإضافة إلى شركاء أجانب من أبرزهم “هيونداي” الكورية. أشار بن بتّال إلى أن الدور الأبرز لهذه الناقلات يتمثل في خدمة قطاعي الحبوب والأسمدة، ما يجعلها جزءاً من منظومة الأمن الغذائي الوطني. ولفت إلى أن الأسواق الاستراتيجية التي تستهدفها الناقلات تشمل الاستيراد من أميركا الجنوبية، أستراليا، الولايات المتحدة ومنطقة البحر الأسود رغم التحديات الجيوسياسية، إلى جانب تصدير منتجات المملكة إلى أسواق متعددة.الأمن الغذائي يُعتبر واحداً من أولويات “رؤية 2030” السعودية التي توشك على دخول مرحلتها الثالثة والأخيرة نهاية هذا العام، وقد لفت تقرير عام 2024 الذي يرصد أداء مؤشرات الرؤية لارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي من 109 مليارات ريال في 2023 إلى 114 مليار ريال في 2024. تُعدّ “البحري” من بين أكبر مشغلي ناقلات النفط الخام العملاقة في العالم، إضافةً إلى كونها أكبر ناقل للكيماويات في منطقة الشرق الأوسط، بأسطول تشغيلي تبلغ سعته نحو 1.68 مليون طن. ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي 22.6% من رأسمال الشركة، فيما تملك شركة “أرامكو السعودية للتطوير” حصة تبلغ 20%. بحسب بن بتّال، فإن إضافة هذه الناقلات الست تعادل زيادة بنحو 50% في الأسطول المملوك للبضائع السائبة لدى “البحري”، مع توقع ظهور الأثر المالي المباشر على القوائم بين عامي 2028 و2029 عند بدء التشغيل.
إلى أين يتجه الذهب ؟
بعد عامين من التقليل من شأن إمكانات المعدن الأصفر، بدأ المشاركون في الأسواق بتعديل مواقفهم، إذ أظهر مؤتمر المعادن النفيسة العالمي 2025 الذي ينظمه الاتحاد أن الخبراء في القطاع يتوقعون أن تختبر أسعار الذهب مستوى المقاومة عند 5 آلاف دولار للأونصة بحلول العام المقبل. وأظهر استطلاع أجري خلال المؤتمر أن المشاركين يتوقعون ارتفاع الأسعار إلى نحو 4,980 دولاراً للأونصة، أي بزيادة تقارب 25% عن المستويات الحالية. وتأتي هذه التوقعات الإيجابية بعد أن لامس الذهب أعلى مستوى تاريخي له عند 4,381 دولاراً للأونصة، قبل أن يتراجع مؤقتاً ويعود ليتداول فوق مستوى 4 آلاف دولار يوم الأربعاء (29 أكتوبر). يُذكر أن توقعات العام الماضي كانت تشير إلى بقاء الذهب حول 2,941 دولاراً للأونصة، في حين أن السعر الحالي يتجاوز ذلك بأكثر من الثلث، وفقاً لموقع “futunn”. رغم أن الذهب في طريقه لتحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979 بارتفاع يتجاوز 50% منذ بداية العام، إلا أنه ليس المعدن الأعلى أداءً في قطاع المعادن النفيسة. فقد قفزت الفضة بنسبة 61% منذ بداية العام، بينما ارتفع البلاتين بأكثر من 93% حتى الآن. ويشير الاستطلاع إلى أن 40% من المشاركين يتوقعون استمرار الذهب في تصدر القطاع حتى عام 2026. وفي العام الماضي، كانت التوقعات تشير إلى تفوق الفضة، لكن الأداء القوي للبلاتين منذ الصيف قلب الموازين. كما أظهر الاستطلاع أن 30% من المشاركين يتوقعون استمرار ارتفاع أسعار البلاتين ليكون أفضل المعادن أداءً هذا العام، مع توقع وصوله إلى 1,815 دولاراً للأونصة خلال عام، أي بزيادة 14% عن مستوياته الحالية. أما بالنسبة للفضة، فيتوقع 21% من المشاركين أن تتصدر الأداء العام المقبل، مع إمكانية ارتفاعها إلى 59.10 دولاراً للأونصة، بزيادة تقارب 25%. ورغم أن ارتفاع الذهب تجاوز التوقعات، إلا أن العديد من المحللين لا يُفاجأون بالأداء القوي، نظراً إلى الزيادة الكبيرة في الطلب الاستثماري خلال العام الحالي. وخلال جلسة نقاشية في افتتاح المؤتمر، كشف واين غوردون، المدير التنفيذي ورئيس قسم الاستثمار في مجموعة “يو بي إس” (UBS)، أن حيازات الذهب في محافظ العملاء تضاعفت هذا العام، بينما ارتفع عدد المستثمرين الذين أضافوا الذهب إلى محافظهم ثلاث مرات. وقال غوردون بصراحة: “لأكون صريحاً، رفعنا توقعاتنا لسعر الذهب ست مرات متتالية هذا العام، رغم أننا في بداية العام كنا نظن أننا متفائلون بما فيه الكفاية”. العربية